الأربعاء، 16 فبراير 2011

ماذا يعنى تعديل المادة 2 من الدستور المصرى؟


أولا:التطورالتاريخى للمادة الثانية من الدستور:

  تنص المادة الثانية من الدستور المصرى الحالى على "الإسلام دين الدولة، واللغة العربية لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع".



ولقد مرت هذه المادة الدستورية الهامة بالعديد من الأطوار حتى وصلت الى صيغتها الحالية ففى مرحلة سابقة لم يذكر اى أشارة الى دين الدولة فى الدساتير الصادرة فى اعوام  1882 و 1923 وبدأت تظهر تلك الأشارة فى الدستور الحالى الصادر فى عام 1971 والذى نصت المادة الثانية منه على ان "دين الدولة الرسمي الإسلام، ولغتها العربية، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع فيها"
ووفقا لهذه المادة فانه عند الطعن على القوانين المخالفة للشريعة الاسلامية أمام المحكمة الدستورية العليا كان رد المحكمة : "إن وجود مصدر رئيسي لا يعني عدم وجود مصادر فرعية"؛ مما يعني أن تلك المادة - وفقا لصياغتها القديمة- عديمة الفائدة.
 وفى عام 1980 تم اجراء تعديلات دستورية على المادة بأضافة الألف واللام لكلمتى مصدر ورئيسى لتكون على صورتها الحالية "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدرالرئيسى للتشريع"
ويتضح الفارق بأنه عندما تصبح الشريعه الاسلاميه هى المصدر الرئيسى للتشريع فهنا اصبحت الشريعه هى المصدر الرئيسى وليست مصدر فقط من ضمن مصادر التشريع اى ان المشرع  عندما يصدر تشريعا يجب ان يكون مستمد من  الشريعه الاسلاميه لانها المصدر الرئيسى.

ثانيا :هل عملت المادة الثانية من الدستور على صبغ الدولة بالصبغة الأسلامية؟

الأجابة لا 
فالعديد من القوانين مخالفة للشريعة الأسلامية ، كما انه لا تطبق الأحكام الاسلامية أمام المحاكم الا فى قضايا الاحوال الشخصية ، أى انه يمكن القول أن هذه المادة تعتبر غير مفعلة حتى الأن ، فالقول بأن مبادىء الشريعة الأسلامية المصدر الرئيسى للتشريع لم يؤدى الى سن قوانين وفقا للشريع الأسلامية  كما لو تؤدى الى الأحتكام الى مبادىء الأسلام فى القضاء ، فالقاضى يحكم بالقانون الوضعى ويرجحة على مبادىء الشرعية الأسلامية ، ويرجع ذلك بأن القاضى غير مسئول عن التمحيص واعادة النظر فى القوانين وأنما يقتصر دورة على الحكم بالقوانين السارية ، وانما يختص باعادة النظر فى القوانين المحكمة الدستورية العليا والتى لا تحتكم بأحكام الشريعة الأسلامية .
وان كان البعض يرجع لهذه المادة الدستورية الفضل فى الوقوف ضد أصدار بعض القوانين التى دعت لها بعض المؤسسات الدولية  الخاصة بالجريات الدينية والعقائدية والحرية الشخصية التى تتنافى مع مبادىء الشريعة الأسلامية ومع تقاليد الشعب المصرى ( كأباحة الزواج المثلى وحرية الأرتداد عن الدين....

أذا هذه المادة تصبغ على مصر صفة الدولة الأسلامية - شكلا- دون التقيد بها عند سن القوانين بشكل كبير.


ثالثا : تداعيات تعديل المادة 2 من الدستور 

  ان الثورة المصرية قامت بأيدى ابناء الوطن كافة - مسلمين ومسيحين - دون نظر الى  اتجاه فكرى او سياسى او عقائدى ، هذا التجمع والوحدة هو السر فى نجاح هذه الثورة ، وان كان البعض قد توهم بأن أستقالة الرئيس الأسبق هو نهاية للثورة ، فان الواضح ان تلك الاستقالة جاءت كبداية للثورة ، فالمجتمع المصرى يتعرض الان للعديد من التحديات التى يجب ان يجتازها للعبور الى المستقبل كأمة واحدة.
فمنذ الدعوة الاولى لتعديل الدستور تزايدت دعوات العلمانيين تحويل مصر الى دولة علمانية مما يقتضى الغاء المادة الثانية من الدستور ، بدأت تحتشد الجماعات الاسلامية ويعلو صوتها مطالبة بالأبقاء على هذة المادة ، فى وقت تصيد فيه بعض الخبثاء هذه المادة وبدأوا الدعوةالى الغائها بشكل كبير بحجة ان ذلك ينال من حرية الأديان فى مصر.

وان كان تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة قد تضمن تعديل 5 مواد من الدستور فقط هى المواد ( 88 و77 و76 و189 و93) والغاء الماده 179 اى ان التعديلات المتوقعة لا تقترب باى شكل من الأشكال بالمادة 2 من الدستور .
وعلى الرغم من ذلك وبسبب الخلط بين المفاهيم ، فقد اّول البعض ان المجلس الأعلى للقوات المسلحة بتصريحة تعهدة بأقامة دولة مدنية يقصد بذلك تحويل مصر الى دولة علمانية ، هذا بالطبع مفهوم خاطىء فهناك فرق كبير بين الدولة العلمانية والدولة المدنية
فالدولة المدنية:
هي الدولة التي تقوم ‏على المواطنة وتعدد الأديان والمذاهب وسيادة القانون ويحكم فيها أهل الأختصاص.

ويعرفها البعض بأنها 

دولة المؤسسات التي تمثل الإنسان بمختلف أطيافه الفكرية ‏والثقافية والأيدلوجية داخل محيط حر لا سيطرة فيه لفئة واحدة على بقية فئات المجتمع الأخرى، مهما ‏اختلفت تلك الفئات في الفكر والثقافة والأيدلوجيات.

وتأتى الدولة المدنية لتنفى عن نفسها صبغة الدولة الدينية ( والتى يحكم فيها رجال الدين الدولة) او الصبغة العسكرية ( والتى يحكم فيها الجيش الدولة)

فمصر طوال الفترة السابقة كانت دولة ذات صبغة مدنية.



اما الدولة العلمانية:  تعني اصطلاحاً فصل الدين والمعتقدات الدينية عن السياسة والحياة العامة( راجع ويكيبيديا)
 وان كانت غالبية دول العالم الأن تتصف بهذه الصفة الا انه أمر مستغرب فى الشرق الأوسط(راجع الخريطة)
██ دول علمانية

██ دول تُعلن عن ديانة للدولة██ دول بدون معلومات واضحة

  أذا المقصود ببيان المجلس الاعلى للقوات المسحلة هو ان القوات المسلحة لا تطمع فى فرض سيادتها على الحكم فى مصر وهو الامر الذى لا يحتمل تأويل البعض عن وجود لمخططات غير معلنة فى هذا البيان.




الامر الأخير :



 كما يرفض الأسلاميين بشكل كبير التحول الى الدولة العلمانية ، ترفض الكنيسة أيضا الدولة العلمانية وتحاربها ، فالفاتيكان يقاوم العلمانية بسبب أغفال الدساتير العلمانية الأشارة الى الله مما ادى الى صدور قوانين تعارض المسيحية كتشريع الزواج المثلى فى الدول الأوروبية

فالفصل بين الكنيسة والدولة يمثل هاجس يراود رجال الدين المسيحى مما دفعهم الى دعوات متواترة الى عودة تدريس الدين بشكل عام فى المدارس دون التقيد بداية واحدة ، فالمسيحية ترى فى العلمانية أنكار لوجود الله وبداية فى الألحاد
أن تجريد الدساتير من الصبغة الدينية هو أمر مرفوض من رجال الدين - مسلمين ومسيحين - وغير مقبول فى الشرق الأوسط لما يتضمنة من تحول فى التقاليد والعادات المتواترة فى مجتمعاتنا الشرقية ، يجب علينا ان نأمن لمصران تصبح بمنأى عن جميع هذه المهاترات فى هذه الفترة الأنتقالية الهامة وغض الطرف عن تلك الدعوات بألغاء المادة الثانية من الدستور ، حتى لا تكون سبب فرقة فى مجتمعنا .
 فالمشرع المصرى يعلم جيدا طبيعة تركيبة الشعب المصرى فعلى الرغم من ان الدستور ينص صراحة ان "مبادئ الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع " الا انه احترم الحريات الدينية ومنح لغير المسلمين الحق فى الاحتكام لشرائعهم أمام القضاء وفقا لقانون الأحوال الشخصية لغير المسلمين ،كما ان القضاء المصرى تفهم الامر فى العديد من الاحكام القضائية ، كقضايا تغيير الأنتماء الدينى للفرد وألغاء خانة الديانة من بطاقة الرقم القومى ، وغيرها من الاحكام التى توضح مدى تقدير القضاء والمشرع المصرى للحريات الدينية دون تطلب ذلك تعديل دستورى فى المادة الثانية من الدستور.

أننا بمصر يجب ان تكون بمنأى عن اى فرقة طائفية فى هذا الوقت لان مثل تلك الفرقة سيتخذها بعض الطامعين للتدخل فى شئون مصر الداخلية ، كما ستكون بداية لعودة التيار الدينى المتشدد والذى عانت منه مصر لفترات كبيرة ، كما قد يكون مبرر لبعض الجماعات الى الدعوة الى تفريق الوطن وانشاء دويلات على أسس دينية.

0 comments: